زينب آيت عدي |
" المكان طرف ثالث
في أي موعد أول"، كما قالت أحلام مستغانمي في روايتها اﻷخيرة اﻷسود يليق بك.
وموعدها اﻷول كان مع الفن، في مكان ما من زوايا الفنون التشكيلية، ليتشكل من كل
ذلك ثلاثي جمالي أخاذ.
اﻷمر
ينطبق أساسا على زينب أيت عدي الفنانة التشكيلية الشابة. هي بعد اليوم قريبة من
عقدها الثالث، لكنها لم تبلغ لحد اﻵن إلا سبعة وعشرين عاما.
الاشتغال
على الفنون التشكيلية عند زينب أيت عدي لم يولد بمحض الصدفة، بل كانت الضرورة أقوى
من ذلك فعلا. الجد فنان رسام واقعي، والخال أيضا خريج فنون جميلة، ما جعل مدارك
الحفيدة تحتك منذ بداياتها بعالم الألوان والصباغة وما يرتبط بتجليات الفن
التشكيلي عموما.
طبعا
احتكاك زينب الطفلة بكل هذا الواقع الجمالي، وما خفي كان أعظم، استطاع أن يكسبها
تربية فنية وذائقة جمالية تفتقت عنها زينب الرسامة، أو التشكيلية عموما، من بداية
وعيها بذلك حتى اشتد عودها لتنتقل إلى اختيار التكوين في الفن التشكيلي والتصميم الرقمي.
نشأة
زينت، كانت في منزلة بين المنزلتين. بين مدينة تارودانت الجميلة بتاريخها العريق،
بسورها وأزقتها ومسجدها العظيم، وبين مراكش الحمراء، بسحرها وشغبها الليلي، وبرسو
الذاكرة المشتركة في جامع لفنا.
كل
هذا، لن يزيد ريشة أيت عدي إلا سموا وهي تتحد بلوحاتها مشكلة أبعادا جمالية ذات
اليمين وذات الشمال، داخل إطار المدرسة الواقعية دائما، لا تزيغ عن خطى الجد قيد
أنملة.
الشابة
زينت مصممة، ومصممة أيضا على أن تمد يدها المبدعة لأمثال جيلها من المشتغلين على
حقول فنية مغايرة كالأدب، قابضة بأناملها على أغلفة بعض ما يكتب روائيا في
تارودانت؛ كرواية القابضون على الماء للشاب خالد بناني.
قبل
سنوات، شاركت زينب أيت عدي كفنانة تشكيلية في تكريم عميد الأدب الشعبي بالمغرب
الدكتور عباس الجراري، فكان الأمر بالنسبة للشابة الطموحة للرقي الفني حدثا متميزا
في مسارها التشكيلي لا يبرح ذاكرتها، سعيدة به حد الأمل المضاء في عينيها
الثاقبتين، كما اتضح لي خلال نقاش جمعنا ساعتئذ، في موعد أول من لقاءات افتراضية
داخل القارة الزرقاء.
ثقافة
زينت أيت عدي، تتجاوز حدود الوطن. طبعا هي بإنجليزية أنيقة تتقنها، فتحت الباب
لنفسها أمام مصراعيه، لتكون سفيرة فوق العادة للمغرب، وإن افتراضيا، سواء على
مستوى مجال اشتغالها اليومي، أو على مستويات أخرى ذات أبعاد إنسانية؛ كالقضية
الفلسطينية.
آمنت
بأن الفن انتظار دائم لشيء جميل كما الحياة. وآمنت أيضا، أن زينت أيت عدي جميلة
كان ينتظرها الفن التشكيلي المغربي لتحيا منه وفيه وله لا محالة.
عبد المومن محو - مدار 7