الاثنين، 18 نوفمبر 2013 - 16:35


يخلد المغرب اليوم ذكرى حصوله على "الاستقلال"، ففي مثل هذا اليوم من سنة 1956، أعلن المغرب استقلاله، و رحلت فرنسا عن أرضه.
رحيل فرنسا عن المغرب لم يكن بالسهل، تكاثف جهود المقاومة المسلحة كان بذرته الأولى.  فمند دخول المستعمر البلاد، أعلن العديد من الأبطال أن أرواحهم ودمائهم فداء لتحرير الوطن.
مدار7 ، اختار بعضا من وجوه المقاومة المسلحة التي أشعلت فتيل النضال المغربي، و الذين حاربوا بكل ما لديهم من أجل حفظ كرامة الوطن، وكرامة الشعب المغربي. قبل أن يضيع سياسيو مرحلة ما بعد " الاستقلال " جهودهم و يهمشونهم لإعادة " الاستعمار الناعم " من جديد .

عبد الكريم الخطابي أستاذ حرب العصابات..

ولد الخطابي  سنة 1882 بمنطقة أجدير بالريف، نشأ وتعلم القرآن على يد والده الذي تزعم قبيلة بني ورياغل، وتلقى تعليمه في القرويين. انتقل بعدها لمدينة مليلية والتحق بأكاديمية اللغة العربية هناك. ليصبح معلما ثم محررا في جريدة تلغرام ديل الريف.

عشق الخطابي الحضارة الغربية، ورأى في الإسبان أداة لمساعدة الريف، لكن بروز نيتهم في استغلال منطقته، دفعه لمعارضة سياساتهم بمفرده، وهنا دُفع به إلى ما وراء القضبان. بعدما استعاد حريته، غرس الفقيه في قبائل الريف الروح الوطنية، وسل منهم شوكة النزعة القبلية، فواجه العدو بغياب العدة والعتاد، وحقق انتصار معركة أنوال.

أنشأ الأسطورة "جمهورية الريف"، وعطل المشروع الاستعماري بإصداره دستورا لدولته وتشكيله حكومة تفاوض مع العدو.  اعتبر رمزا لحقوق الإنسان، بعد أن أصدر قانونا يمنع الثأر، وأعفى عن من وضع السم لأبيه لأن لا حجة لديه.

شعور المستعمرين بخطورة الخطابي دفع بهم لارتكاب جريمة إنسانية ، فاستعملوا قنابل سامة للقضاء على أتباع كابوسهم الأول. انتصر العدو عسكريا، لكن المجد ظل عنوانا لمغاربة الريف. استسلم الخطابي تضحيةً لا غير، ونفي لجزيرة لارينيون، تاركا خلفه  60 ألف جندي اسباني محتارين متعجبين أمام دهائه، فاعتبر بذلك أستاذا لحرب العصابات.

خطاب طنجة 1947 دفع بالقوات الاستعمارية لترحيله نحو مدينة نيس الفرنسية، فأدرك الخطابي أن الفرنسيين سيستعملونه كوسيلة للضغط، فنزل الى القاهرة وطلب اللجوء السياسي ، وتابع نضاله من هناك. شغل منصب رئيس لجنة تحرير المغرب العربي، وأصبح الرئيس الدائم لمكتب المغرب العربي، وأسس خلايا للتحرير. 

موحا اوحمو الزياني أسطورة الأطلس المتوسط..

موحا أوحمو الزياني بطل من أبطال المقاومة المغربية . ولد سنة  1863، وعين في عقده الثاني قائدا لقبائل زيان في خنيفرة، فكان خير مدافع وراع لقبيلته. نهجه المضبوط دفع بالعدو بعد فرض الحماية لكسبه، عهود وهدايا لم تزعزع نزعة الزياني ولو لوهلة للتراجع عن عزته، ولما يأس المستعمر، قرر مواجهته عسكريا، ليكبد الزياني أتباع ليوطي خسائر لم تكن في الحسبان. أحبط مخططاتهم الرامية للتحكم في المعابر بين الشمال والجنوب، وبرهن أن الزيانيين قوة ضاربة باسلة لن تكون صيدا سهلا للاحتلال.

فطنة موحا أوحمو مكنته من استدراج القوات الفرنسية، التي كانت تلاحقه بأعداد كبيرة ، إلى منطقة الهري. حضر الموقعة 1300 جندي يأملون في تصفية الزياننين، هدم للمنازل وقنابلُ ترمى على المدنيين، لكن بسالة موحى أوحمو وجيشه الذي تكون من رجال قبائل مجاورة، بدأ بضربة قاضية فقتل قائدهم، ثم أكثر من 20 شخصية  صنفت ضمن الرتب العالية عسكريا، لتنتهي معركة الهري لصالح موحى أوحمو وأتباعه بـ650  قتيلا و176 جريحا دون نسيان الأسرى والغنائم من العتاد.

الزياني خلخل القوة الفرنسية، وألحق بها العار،  ولم يستسلم حتى ترك وصمة عار على جبين كل فرد من القوات الاستعمارية. وفي أخر معاركه سنة 1921 و التي دارت بتاويكلت حاصرته القوات الفرنسية  ليتخذ قرار مواصلة المشوار حتى أخر قطرة دم، وفي الطوق الذي حُصر فيه، أحدث الزياني ثقبا لفرار صغار السن من أتباعه، ليترك لهم ما بدأه أملا في تحقق النصر رغم غيابه.

أحمد الهيبة السلطان الأزرق..

ولد أحمد الهيبة بن ماء العينين سنة 1877 وتربى وأخذ علوم الشريعة الإسلامية وعلوم اللغة العربية عن والده وشيوخ  كبار، بعد وفاة والده اتفقت أسرة أهل الشيخ ماء العينين وخاصة كبار أبنائه على تعيين الشيخ أحمد الهيبة خليفة لوالده، وبعد فرض الحماية على المغرب عين نفسه سلطانا وهو بتزنيت  وذلك بتنسيق مع السلطان المتنحي مولاي عبد الحفيظ العلوي الذي أرغم من لدن الفرنسيين على توقيع اتفاقية الحماية، فقاد جيشا كبيرا من القبائل الصحراوية وقبائل سوس المغربية. وسمي السلطان الأزرق للون لباسه الصحراوي.

دخل أحمد الهيبة مراكش، و خاض ثلاث معارك كبيرة ضد الجيش الإستعماري الفرنسي، كانت منطقة الرحامنة أرضا لها، فكانت أولها في أربعاء الصخور ثم الثانية في مكان يدعى بئر أوهام ، ثم كانت المعركة الحاسمة في سيدي بوعثمان ، وهناك انهزم جيش الهيبة وانسحب من مدينة النخيل.

تراحج الهيبة إلى تارودانت، و أصبحت القوات الفرنسية تراقب تحركاته وتطارده مدركة أن الصحراوي يشكل خطرا حقيقيا عليها، لكن المنية وافته، فترك رسالة المقاومة لأخيه مربيه ربه ماء العينين، وترك معها تاريخا يفتخر به كل مغربي أكان صحراوي أم لا.

محمد بوملي - مدار 7
.