الاثنين، 18 نوفمبر 2013 - 16:47

هند بارياز.
حكت لي أمي مرة أنها و في رحلة إلى السعودية و أثناء تفتيش للأمتعة بالمطار تعرضت لوابل من الأسئلة ، كان موضوع "التحقيق" صينية بحوزتها نقش أسفلها نجمة داوود. أراد الجمركي أن يعرف إن كانت الصينية من "إسرائيل". جوابا على أسئلته، أخبرته أمي أنها اقتنتها من سوق بالمدينة من تاجر مسلم و أوضحت له أن اليهود المغاربة بعضهم احترف صناعة الأواني الفضية و زخرفتها و أن الصناع المسلمين الذين أخذوا عنهم الحرفة احتفظوا بنفس الزخرفة بما فيها النجمة السداسية. المهم أن الصينية نجت من الحجز إلا أن اليهود و صناعتهم و صنيعهم لم يسلموا من شتائم الجمركي الذي فوت على نفسه درسا مهما في التسامح . كان هذا في سنوات الثمانينات.
تذكرت هذه الحكاية و أنا أقرأ خبر تعاقد السعودية مع شركة الأمن الخاص G4S لتأمين موسم الحج. و تسائلت كيف لصينية لاتصلح إلا لتقديم الشاي و أن تسر من رآها أن تحوم حولها كل هذه الشكوك في ما مضى و كيف تنجح الآن شركة تقدم يد العون للاحتلال الصهيوني في ارتكابه لجرائمه البشعة ضد الفلسطينيين أن تطأ قدماها أراضي المسلمين المقدسة و هل أصبح التسامح ،يعني عند من يخلط بين رمز ديانة ما و دولة .غض البصر عن المجرمين.
G4S التي حازت على عقد تأمين موسم الحج ليست سوى شركة الأمن الخاص البريطانية-الدنماركية المتورطة مع جيش الاحتلال الصهيوني في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني. و لمعرفة كيف يتم الفوز بعقد بمثل هذه الأهمية، لا ينبغي النظر إلى بيان سيرة هذه الشركة الذي تقدمه عن نفسها بل وجب البحث في سجلها العدلي. G4S لها باع طويل في الإجرام حد ما يثبت عنها التورط في جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية . ف G4S رائدة في رصد حركات الفلسطينيين و تفتيش أمتعتهم بنقط العبور التي تجهزها بأحدث الآليات و كم من سيدة حامل وضعت مولودها بنقط التفتيش و كم من مريض فقد حياته بها في الطريق إلى المستشفى...G4S متمرسة في حراسة السجون التي يقبع فيها آلاف الأسرى الفلسطينيين ، G4S متمرسة على اعتقال واستنطاق و تعذيب الفلسطينيين... و للأطفال نصيب . G4S خبيرة أيضا في تجهيز جدار الفصل العنصري بأجهزة المراقبة و الإشراف عليها...
و مع ذلك، تصول و تجول G4S عبر العالم حيث تتواجد في العديد من الدول و تشمل نشاطاتها الموانئ و المطارات و الجامعات و الأبناك... وهي تحمل إسمG4S Israel (Hashmira) بفلسطين و اسم Almajal G4S بالسعودية حيث اندمجت كل من Almajal Service Master السعودية مع G4S سنة ٢٠٠٦ إلا أنها لم تحظى بعقد توفير وسائل الأمن و الحماية أثناء موسم الحج إلا سنة ٢٠١٠ و هو مااعتبتره الشركة في نشرة لها على لسان مديرها العام خالد بغدادي شرفا! و لا ندري معنى الشرف في قاموس شركة لا تتحدث سوى لغة الربح أنا كانت السبل. و قد ازدادت Almajal G4S "شرفا" بحصولها سنة ٢٠١١ على عقد مع "مترو جدة" لتسهيل تنقل الحجيج من جدة إلى مكة حيث يبدأ المسلمون مناسك الحج. و لاندري متى ستحظى هذه الشركة ،إن استمرت في حصد صفقات كهذه، بلقب "خادمة الحرمين الشريفين".
في الحقيقة ، يصعب تصديق أن السلطات السعودية ليست على علم بحقيقة G4S. ومع ذلك " و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين". فقد قامت العديد من الهيآت عبر العالم بمطالبة السعودية بوقف تعاملها مع هذه الشركة. و في المغرب حيث تتواجد G4S بشكل كبير و خاصة في قطاع الأبناك، وجهت ١٧ هيئة في إطار حملتها ضد الشركة رسالة إلى سفارة السعودية بالرباط تنبهها إلى خطورة التعامل مع هذه الشركة في موسم الحج. و لنا في الحملة ضد الشركة الفرنسية Alstom مثال ،فقد أقصت السعودية هذه الشركة من مشروع القطار الذي يربط بين مكة و المدينة بفضل هذا الضغط و بسبب تورطها في بناء الطرام الذي يربط القدس بالمستوطنات و يساهم بذلك في تغيير معالم القدس و تهويدها.
قبل أن تتمنى السعودية لملايين الحجاج الوافدين عليها حجا مبرورا و سعيا مشكورا، حري بكبار جمركييها تطوير أسئلتهم للشركات الراغبة في الاستفادة من الصفقات العمومية لسد الطريق أمام الشركات التي تستفيد من الاستيطان و الملطخة أيديها بدماء الفلسطينيين.
هند بارياز
.