![]() |
يوسف معضور |
موضة جديدة اكتسحت فضاءات مقاهي المدن الكبرى خصوصا المتواجدة بالأحياء الشعبية وجعلتها تحتضن من دفعتهن ظروفهن الاجتماعية و الاقتصادية إلى البحث عن لقمة خبز ولو بطعم المرارة.. غالبيتهن ينحدرن من مدن أخرى لا هي صناعية و لا سياحية، أقفلت في وجوههن فرص العمل، راضيات بأجور زهيدة تصل على الأكثر إلى 300 درهم أسبوعيا..
ظروف جعلتهن يشتغلن كنادلات بمواصفات شروط محددة لكي تستوفي شروط نادلة مقهى "بامتياز" : يجب أن تلبس سروال "دجينز" ضيق يبرز تقاسيم الجزء الأسفل من جسدها.. أن تضع الماكياج بشكل مبالغ فيه .. أن تتحدث بإغراء.. أن تتقن فن "التحلّوين" .
هي مقاربة "الماركتينغ" الحقيرة التي يشتغل بها أرباب المقاهي من أجل الربح المادي، في أبشع صور استغلال جسد المرأة.. استغلال واستثمار لطاقاتهن وأجسادهن وإظهار مفاتن الجسد، الحركات واللباس المثير.. تركيبة تجلب لهن في آخر المطاف ويلات التحرش الاستغلال الجنسي.
مواصفات يحرص على توفرها أرباب المقاهي معتبرين الأمر نوعا من التسويق للمنتوج الذي تقدمه فضاءاتهم ، من منظورهم البرغماتي المتوحش يؤمنون بقوة أن هذا العمل يتطلب الكثير من اللطف واللباقة في التعامل مع الزبائن لاستقطابهم والرجوع لزيارة الفضاء من جديد.
بالتجربة وجدوا أن النادلة تتمتع بقدرة أكبر من النادل على جلب أكبر عدد من الزبناء و ضمان الرجوع مرة أخرى، و من جهة أخرى المسألة تسيل لعاب أصحاب النفوس المريضة من فئة "الزبون المكبوت" المتوافدين على المقهى اللذين يستغلون حصة شربهم لقهوة سوداء أو "نص نص " في أكبر " مدة ممكنة " ممزوجة بنظرات يختلسها من حين لآخر موجهة للمؤخرة و الصدر وباقي الجسد.. في انتظار الحصول على رقم الهاتف و بعد على موعد !
هي صور سوداء قريبة جدا من سواد لون القهوة، صورة نكتشف من خلالها أننا في وطن "نص نص" يغلب فيه الأسود على اللون الأبيض.
يوسف معضور