يشكل التعليم مجالا
خصبا لزرع بذرة التنمية، ورافعة أساسية لتجاوز التحديات الاجتماعية، والثقافية، و
الاقتصادية، مما يجعله الرهان الأساسي والورقة الرابحة لتقدم المجتمعات التنموية
من خلال الاستثمار في الرأسمال البشري في ظل مواجهة العولمة والولوج لعالم العلم و
المعرفة والبحث عن موقع في خريطة المجتمعات المتقدمة.
منظومة التعليم
المغربية شكلت على مر التاريخ رهانا للإصلاحات، و يتأكد هذا من خلال حضورها في صلب
مواضيع اللقاءات الرسمية، منذ مرحلة الاستقلال وإلى يومنا هذا، و خير دليل على ذلك
الخطاب الملكي في 20 غشت/آب الماضي، والذي تناول وضعية التعليم المتردية، والذي
إذا ما حاولنا أن نكون متفائلين سنصف سياساتها السابقة بالفاشلة رغم بذل مجهودات مهمة.
إصلاحات
على مر التاريخ و الفشل مستمر..
عرفت المنظومة
التعليمية المغربية منذ الاستقلال ، اثنين وأربعين إصلاحا، بميزانية بلغت 28 بالمائة من الميزانية العامة، و7 بالمائة من الناتج الوطني الخام،
أدت حسب التقارير الدولية و الدراسات العالمية إلى احتضار التعليم المغربي و
احتلاله لأدنى المراتب في سلم الترتيب بين مختلف دول العالم.
معطيات تقرير اليونسكو
لسنة 2011 أكدت على فشل المنظومة التعليمية بالمغرب
التي عانت لسنوات طويلة من أزمات متلاحقة رغم الإصلاحات التي كان أهمها إنشاء اللجنة
الرسمية لإصلاح التعليم "1957"، واللجنة العليا لإصلاح التعليم
"1958"، وانطلاق مشروع إصلاح التعليم
بإفران "1980"، وإنشاء اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم
"1994"، ثم الميثاق الوطني للتربية والتكوين "2000 / 2010"، وأخيرا
البرنامج الاستعجالي "2009/2012 ".
تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية و التعليم و
الثقافة " اليونسكو"، عن
واقع التربية والتعليم بالمغرب، كان صادما بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث احتل
المغرب فيه مراتب متدنية جدا، مقارنة مع باقي الدول العربية و الأفريقية، فنسبة 10 بالمائة من الأطفال المغاربة
لم يلتحقوا بالمؤسسات التعليمية رغم بلوغهم سن التمدرس، أما معدل الانتقال
من المستوى الابتدائي إلى المستوى الإعدادي فلم يتجاوز ال87 بالمائة، حيث جاء ترتيب المغرب وراء
إثيوبيا التي سجلت معدل 91 بالمائة،
أما نسبة انتقال التلاميذ إلى سلك الثانوي الإعدادي في المغرب فبلغت 34.5 بالمائة فقط ، كما احتل المغرب رتبة متأخرة جدا، مقارنة
مع باقي الدول العربية في نسبة المقروئية
بالمغرب، بالنسبة للفئة العمرية فوق 15
سنة بنسبة 56 بالمائة ، منها
44 بالمائة بالنسبة للإناث.
برنامج
استعجالي لم يحقق المنشود..
نتائج البرنامج الاستعجالي
2009/2012، أكدت على أن الجهود المبذولة و المحاولات الجادة
لتحسين مستوى التعليم بالمغرب جاءت عكس المتوقع ، فالبرنامج الاستعجالى، الذي
اعتبر خطوة جديدة للإصلاح، خصصت له اعتمادات
قدرت ب41 مليار درهم، ولم يحقق المنشودة منه، فرغم أنه ساهم في تحسن نسب التمدرس، و تأهيل و إصلاح مجموعة من
المؤسسات التعليمية، و توسيع الاستفادة من عمليات الدعم الاجتماعي، واستعمال
تكنولوجيا الإعلام و التواصل، إلا أن ما أسفر عنه تقرير اليونيسكو جعل التعليم
المغربي يتموقع ضمن الصفوف المتأخرة في التعليم.
الخطاب الملكي
الوزيرالسابق محمد الوفا،
كان قد اعتبر أن التعليم في حقبته حقق إيجابيات عديدة، إلا أن الخطاب الأخير
للملك محمد السادس جاء عكس ما اعتقده ، حيث اعتبر الملك أن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا،
مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة، كما أن الملك اعتبر أن قطاع التعليم
يواجه عدة صعوبات ومشاكل، خاصة بسبب اعتماد بعض البرامج والمناهج التعليمية التي
لا تتلاءم ومتطلبات سوق الشغل، فضلا عن الاختلالات الناجمة عن تغيير لغة التدريس
في المواد العلمية، من العربية في المستوى الابتدائي والثانوي، إلى بعض اللغات
الأجنبية، في التخصصات التقنية والتعليم العالي. وهو ما يقتضي تأهيل التلميذ أو
الطالب، على المستوى اللغوي، لتسهيل متابعته للتكوين الذي يتلقاه.
محمد بوملي - مدار 7